Thursday 5 July 2012

حتى لا يتحول الرئيس الجديد إلى..محمد مرسي مبارك


صناعة الطغاة "فن".. تخصصت فيه الشعوب العربية خاصة الشعب المصري.. وذلك منذ عهد الفراعنة حيث تم اعتبار الحاكم ابنا للإله وأحيانا هو الإله نفسه.
وفي العصور الحالية صنع العالم العربي طغاه كثر وحكام وصفوا بالدكتاتورية كصدام حسين ومعمر القذافي وحسني مبارك في مصر.
ولأننا أمام صفحة جديدة ورئيس جديد..يرصد مصراوي في هذا التقرير خطوات صناعة الفرعون.

- تمجيد الرئيس:

"تهتف به الأكوان" و"عنوان الزمان" و"الروح للوجدان" وهو "الحُسن والإحسان" وهو "الفلك المشرق في الدوران" وهو "العذب الفُرات ولا يستوي البحران".. هذه الكلمات كانت من نصيب الرئيس السابق حسني مبارك اثناء توليه الحكم، وهذه العبارات المادحة وغيرها الكثير جمعها الكاتب الصحفى صلاح الرشيد في كتابه "المنافقون فى عصر مبارك".
كما يحتوي الكتاب على عناوين بعض المقالات التي تدلل على المدح الزائد لمبارك فيقول "كتب أحدهم يقول: حسني مبارك أجمعت على اختياره القلوب، وآخر يؤكد: مبارك صاحب البصيرة الثاقبة والرؤية المستقبلية، وثالث يرى أن عهد مبارك ملحمة من العطاء والتنمية، ورابع يزعم أن مبارك بوصلة القيادة للسفينة العربية، وخامس يبرهن على أن: مبارك قمة الأداء الديمقراطي، وسادس يؤكد أنه يمثل الإنسان المصري الملتزم!. وكتب احدهم مقالا طويلا في عيد ميلاده بعنوان "وكان فضل الله عليك عظيما".
وهذا هو ما حذر منه الكاتب الفلسطيني مريد البرغوثي عبر حسابه على تويتر حين قال "إلى أنصار الرئيس المنتخب محمد مرسى هناك فرق بين تأييده وفرعنته، فاحذروا من الثانية".

- الرئيس الأوحد:

دولة المؤسسات تقضي على فكرة "أنا الدولة" اي فكرة مصر مبارك ومبارك مصر، وهو ما اكد عليه الرئيس محمد مرسي أثناء حملته الانتخابية قائلا "زمن الرئيس الأوحد فى مصر انتهى"، مشيراً إلى أن مستقبل حكم البلاد سيكون فى يد المؤسسات ومنها مؤسسات الرئاسة والبرلمان ومجلس الوزراء.

- برج الرئيس العاجي:

مشاهد صدمت المصريين، فلم نري يوما الرئيس مبارك وسطنا في الشارع، لم نري موكب سيادة الرئيس يمر بجانبه عربة خضار "كارو" ولم نري موكب سيادة الرئيس يقف في إشارة المرور، ولم يعرف المواطن المصري الطريق إلى القصر الجمهوري الا بعد الثورة.
فحتي اختلاط الرئيس السابق حسني مبارك القليل بالشارع، اكتشف بعد فترة انه كان أغلبه سيناريو مسبق ومن أشهر السيناريوهات التي تم كشفها قصة الصورة الشهيرة لمبارك وهو يجلس مع فلاح ويشرب الشاي معه أثناء زيارته لمحافظة المنيا خلال حملته لانتخابات الرئاسة التي جرت عام 2005.
وقال عن هذه الزيارة محمد عبد الفتاح، المصور الخاص لمبارك، في مقابلة سابقة مع برنامج "الحياة اليوم": "كانت تمثيلية حقيقية، حيث كان الفلاح الحقيقي رجل خدم في جهاز الشرطة، وأثناء حواره قال الرجل: يا سيادة الرئيس أنا نفسي أطلع أحج منذ خمسين عامًا وأنا أعمل في الشرطة، ولم أستطيع السفر للحج أو العمرة، فضحك الرئيس، وقال له: أنت كده بوظت كل حاجة وتم إعادة الحوار من الأول".
فهل سيتسمر باب القصر الجمهوري مفتوحا للمواطنين..أم سيغلق بعد أيام ربما شهور أو سنوات؟

- بطانة الرئيس:

في كل الأنظمة العربية التي تهاوت، نجد ان هناك سر يكمن في "حاشية الرئيس"، وفي مصر وجدنا "حاشية الرئيس" منذ الملك فاروق التي كانت احد اسباب سقوط حكمه، وكان من حاشية الملك جلال علوبة، الذى كان ضابطا مناوبا على اليخت الملكى، حسين حسني باشا السكرتير الخاص للملك، وأحمد حسنين بك، وأيضا من حاشيته المقربة كان الإيطالي أنطوان بوللى، الذي كان يعمل كهربائيا فى القصر، واستطاع أن يتقرب من الملك فاروق ويكون مسئول عن تجهيز السهرات الخاصة للملك، وايضا جيور جيوجارو، حلاق الملك فؤاد، بعد وفاة الملك فؤاد تقرب من فاروق حتي صار من حاشيته، أما الشخصية الثالثة فكان "ارنستو فيروتشى" كبير مهندسى القصر.
واذا ذكرنا جمال عبد الناصر يجب ان نذكر المشير عبد الحكيم عامر أقرب المقربين لناصر، وانتهت علاقتهم بعد نكسة 67 بموت عبد الحكيم وقيل وقتها انه انتحار، بينما ردد البعض الأخر ان ناصر قتله بعد ان اكتشف انه خدع في ثقته به.
وكان يحيط الرئيس أنور السادات عدد من المقربين منهم المهندس سيد مرعى، رئيس مجلس الشعب الأسبق، ووزير الزراعة الأسبق، وكان والد زوج ابنة السادات الأخرى، بالإضافة إلى ممدوح سالم وعثمان أحمد عثمان.
بينما حاشية مبارك والتي اتهمت بأنها السبب في تحويله لديكتاتور فكان على رأسها زكريا عزمي الذي قيل عنه أنه صاحب السر في هذا التحول، وينضم لهذه القائمة صفوت الشريف، وحسين سالم وزوجته سوزان ثابت، وابنه جمال.

- صور واسم الرئيس:

"مدرسة مبارك الإعدادية"، محطة "حسني مبارك"، مدينة "مبارك"، "كوبري مبارك".. صور مبارك في المدارس والمديرات في أقسام الشرطة والوزارات في كل مكان تجدها، اسم "مبارك" كان يشكل من خلال أجساد جنود الجيش في العروض العسكرية.
لكن الرئيس الجديد يحاول ان يلغي هذه النقطة فقد أعلن القائم بأعمال المتحدث الإعلامى لرئاسة الجمهورية، الدكتور ياسر على، أن الرئيس يرفض تعليق صورة في الهيئات والمصالح الحكومية مثلما كان سائداً، وأنه سيتم وضع الإجراءات والقواعد اللازمة لكى تكون مصر، وليس الرئيس، محل الاهتمام الرئيسى من جميع مؤسسات الدولة.
بينما وجه أحد شباب مواقع التواصل الاجتماعي "عبد الله النديم" رسالة نصها "إلى من يضعوا صورة البروفايل للرئيس محمد مرسي .. نحن لم نتخلص من فرعون كي نصنع فرعون جديد.. هذا كان مقبولاً وقتأن كان مرشح.. الأن هو مسؤول".

- اخترناه وبايعناه:

"اخترناه..اخترناه" وآلاف القصائد والأوبرتات كتبت خصيصا لمبارك، 62 قصيدة.. هي عدد القصائد التي تغني بها الشعراء في مدح الرئيس مبارك فقط عقب محاولة اغتياله بأديس أبابا في يونيو 1995، ولم يمر شهر على هذا الحادث حتي أصدرت الهيئة العامة للكتاب في يوليو من نفس العام كتاباً جمعت فيه كل هذه القصائد حمل عنوان "مبارك في عيون الشعراء".
وبعد فوز مرسي بالرئاسة انتشرت عدد من الأغاني المؤيدة له منها أغنية "بر الأمان" وأغنية "ريسنا قولوا مرسي" التي تحمل كلماتها " بالحب احنا اخترناه.. ووعدنا بجد وجالنا" لتثير جدل من قبل رواد مواقع تواصل الاجتماعي، الذي تعجبوا قائلين "برضه اخترناه".
وفى نفس الوقت انتقده مريد البرغوثى عبر تغريدة له بداية ظهور أغانى تمدح مرسى، قائلاً: "ابتدأت تظهر أغانى تتغنى بالرئيس الجديد، وهذا عيب كبير أن تعود هذه التفاهات"، واصفاً إياها بـ"الفجاجة"، وقال أن هذه الأغاني من شأنها أن تصنع طغاة، معتبراً ذلك عيبا وتخلفا في الدولة الحديثة.

- الرئيس الملهم:

مصر لم تعرف في تاريخها سوى الرئيس الملهم، الرئيس الذي لا يخطئ، رأيه صواب حتي وان كان خطأ.. لكن الرئيس الجديد تعهد ان يكون "خادمًا للشعب وأجيرًا عنده"، قيل أن مرسي انه يحاول ان يبتعد عن أطار الرئيس الملهم.. بالشخصية البسيطة ولكن تقبيل الداعية الإسلامي صفوت حجازى ليده هوجم من قبل الكثيرون معتبرين ذلك تبجيل مبالغ به وقد يصل الى حد "التأليه" وفقاً لوصف البعض.
بينما برر حجازي ذلك "هذه هي أخلاقنا اننا نقبل رؤوس وأيادي بعضنا البعض.. هكذا نحن نحب ونقبل أيادي بعضنا البعض لعلمنا وليس لأشخاصنا".
وأضاف صفوت حجازي "الناس الذين ينتقدون ذلك لا يعرفون قيمة العلم ومعنى الحب في الله، فنحن نعذرهم لجهلهم". 
  

بنحبك يا ريس:

"مصر كلها بتحبك يا ريس" الهتاف الذي تردد في أرجاء جامعة القاهرة اثناء خطاب الرئيس الجديد الدكتور محمد مرسي اعيد للأذهان فكرة الهتاف للرئيس، المبالغ فيه في أحيان كثيرة، فلم يشهد رؤساء دول العالم ان يقاطع الحضور حديثهم من أجل الهتاف لهم "وي لاف يو" أو "العلاوة ياريس".

- معارضة كارتونية:

اجمع عدد من الخبراء أن سبب استفحال الفساد في نظام مبارك حتي انهياره، هو عدم وجود معارضة حقيقية، فقال جمال عيد، رئيس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، أن المعارضة السابقة في عهد مبارك ما هي إلا معارضة كرتونية.
كما وصف أستاذ العلوم السياسية حسن نافعة أحزاب المعارضة المصرية بـ "الكرتونية" أيضا بسبب سعيها لتحقيق مصالحها الشخصية، وعدم وجود تعددية سياسية حقيقية.
ويتم الآن في الساحة المصرية أنشاء أحزاب جديدة وتيارات جديدة كالتيار الثالث وحزب "الدستور" الذي أنشئه المدير السابق لوكالة الطاقة الذرية الدكتور محمد البرادعي، وحزب "مصر المستقبل" الذي أنشئه الداعية عمرو خالد في محاولة خلق معارضة حقيقية.

- إعلام السيد الرئيس:

منذ ان قرر الرئيس جمال عبد الناصر تأميم الصحف فى عام 1961، وبالطبع الإذاعة والتليفزيون، اعتبر هذا بمثابة إعلان رسمى بأن كل العاملين فى وسائل الإعلام قد تحولوا إلى موظفين تابعين للحكومة.
وبالتالى عاشت مصر عقودا في ظل التمجيد والتهليل للرئيس شبه الآله الذى لا يخطئ، ودائما قراراته حكيمة وتاريخية.
وقد طالب مركز القاهرة للاعلام والتنمية من الرئيس الجديد عدم تدخل الرئيس فى توجيه الإعلام الرسمى الحكومى ومنحه الاستقلالية.
ونختتم التقرير بجملة الكاتب محمود السعدني "الرئاسة هي آفة الشعوب العربية، فعندما تكون رئيسا فأنت المغني وأنت القاضي أنت الفنان وأنت القائد والمفكر الوحيد وكل التوجهات تصدر عنك وأخبار تنقلاتك هي نشرات الأخبار ومرض سيادتك يصبح سرا حربيا، تستطيع ان تتجه يمينا أو يسارا، اذهب حيث تشاء وسيتبعك الجميع أينما تسير!

No comments:

Post a Comment