يبدو أن الصدام بين سلطات الدولة سيستمر لفترة طويلة، فبعد قرار الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية عودة البرلمان للعمل مرة أخرى، قضت المحكمة الدستورية العليا في جلستها أمس ببطلان قرار رئيس الجمهورية بعودة البرلمان.
البعض ربط قرار المحكمة الدستورية بأن هناك ثمة تدخل من المجلس العسكري في ذلك باعتباره يريد أن يحافظ على سلطة التشريع كما أراد في الإعلان الدستوري المكمل، لكن البعض الآخر رأى أن هناك شيء أبعد من ذلك، حيث ذهبوا إلى أن هناك خطة محكمة يديرها المجلس العسكري بالتعاون مع جهاز المخابرات المصرية للقضاء على جماعة الإخوان المسلمين وبعض القوى والحركات الثورية.
لكن القضاء على الإخوان لن يكون بانقلاب عسكري أو باستخدام النار والحديد كما يتوقع البعض، لأنه من السهل أن يتم القضاء عليهم بشكل دستوري وقانوني، فالمجلس العسكري هو حتى الآن ما زال الحاكم الفعلي للبلاد طبقا للمادة 61 من الإعلان الدستوري لشهر مارس عام 2011.
وفكرة القضاء على الجماعة القديمة بدأت تظهر معالمها، منذ أن أصدر المجلس العسكري قرار بحل البرلمان، الشهر الماضي، إضافة إلى اتهام قيادات من الإخوان بقتل المتظاهرين في موقعة الجمل وحرق أقسام الشرطة وفتح السجون وقت الثورة، فضلاً عن أن ثمة توقعات بحل اللجنة التأسيسية للدستور، وحل جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة.
حل البرلمان:
المجلس العسكري اتخذ قرار بحل البرلمان في يونيو الماضي بعد قرار المحكمة الدستورية بعدم دستورية قانون انتخابه، لكن مرسي اتخذ قراراً بإلغائه وعودة البرلمان لعمله، هذا الأمر قابلته المحكمة الدستورية العليا بالحكم ببطلان قرار مرسي بعودة البرلمان الذي يعتبر حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين كان يمثل فيه أكثرية لاستحواذه على 41.5% من أعضاء هذا البرلمان، وبذلك حرمت جماعة الإخوان المسلمين من سلطة التشريع التي اكتسبتها.
الشيء الأخر الذي يوضح أن المجلس العسكري لن يستخدم العنف في القضاء على الإخوان أنه حينما أصدر قرار بحل البرلمان كان استنادًا لحكم المحكمة الدستورية العليا ببطلان قانون انتخاب مجلس الشعب الذي أصدره العسكري فى سبتمبر 2011 ووافقت عليه جماعة الإخوان، لكن حينما قرر مرسي إعادة البرلمان كان قراراً سياسياً لم يستند إلى سند قانوني في ذلك، مما جعل من السهل إلغاء هذا القرار كما فعلت المحكمة الدستورية في قرارها أمس.
إصدار الإعلان الدستوري مكمل:
أصدر المجلس العسكري في 17من يونيو الجاري إعلان دستوري مكمل بإضافة فقرة ثالثة لكل من المواد 30، وإضافة المواد 53 مكرر، و53 مكرر1 ، و53 مكرر2 ، و56 مكرر، 60 مكرر، و60 مكرر1 للإعلان الدستوري الصادر في 30 من مارس لعام 2011,
وكان واضحا في بنود هذا الإعلان الدستوري أن المجلس العسكري سيحتفظ بسلطة التشريع، حتى يتم انتخاب مجلس شعب جديد وأنه سيشكل الجمعية التأسيسية للدستور بعد حلها، إضافة إلى جعل المؤسسة العسكرية دولة داخل الدولة، بحيث يصبح المجلس العسكري ورئيسه هو المتحكم في أي شيء داخل القوات المسلحة.
ولا يجرأ رئيس الدولة بإعلان الحرب أو التدخل فى شئون الدعم العسكري أو ميزانية الجيش إلا بموافقة المجلس العسكري، مما يحرم الرئيس القادم التابع لجماعة الإخوان المسلمين من ممارسة صلاحياته.
حل اللجنة التأسيسية للدستور:
في سبتمبر القادم ستنظر محكمة القضاء الإداري في الدعاوى المقامة لبطلان تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور والتي تضم مائة عضو بعضهم ممثلين عن الأحزاب السياسية المتواجدة والبعض الأخر يمثل أطياف وكيانات من المجتمع المصري.
وهذه اللجنة المكونة من مائة يضم تيار الإسلام السياسي 75% من أعضاءها ومعظم التوقعات تؤكد أن هذه اللجنة ستحل لأن رافعي هذه الدعاوى يعترضون على نسب تمثيل مؤسسات بعينها في هذه اللجنة، إضافة إلى تلويح البعض بعدم دستورية قانون تشكيل أعضاء اللجنة الخاصة بوضع الدستور والذي أقره مجلس الشعب، وبالتالي سيحرم الإخوان من نسبة تمثيلهم في الجمعية التأسيسية للدستور الجديد.
حل جماعة الإخوان المسلمين:
أيضاً في سبتمبر القادم محكمة القضاء الإداري ستنظر في الدعوى القضائية التي تطالب بإصدار حكم قضائي بحل جماعة الإخوان المسلمين وحظر استخدام اسم الجماعة وتجميد كافة أنشطتها وحساباتها المصرفية وإغلاق جميع مقارها بالقاهرة والمحافظات.
وقد اعتبرت هذه الدعوى أن وجود جماعة الإخوان المسلمين ''غير قانوني''، لعدم حصولها على ترخيص بمزاولة نشاطها طبقا لقانون الجمعيات هذا في الوقت الذي قامت فيه الحكومة بإحالة 43 متهما لمحكمة الجنايات منهم 19 أمريكيا بحجة إدارة منظمات مجتمع مدني بدون ترخيص''.
كما أسندت تلك الدعاوى إلي أن الجماعة خالفت القانون 48 لسنة 2002 الذي ينص على أن ''يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وغرامة لا تزيد على عشرة آلاف جنيه أو بإحدى العقوبتين كل من أنشأ جمعية يكون نشاطها سريًا، كما نص القانون على أن يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن ستة أشهر وبغرامة لا تزيد على ألفى جنيه أو بإحدى العقوبتين كل من أنشأ كياناً تحت أي مسمى نشاط من أنشطة الجمعيات أو المؤسسات الأهلية دون أن يتبع أحكام القانون''.
وإذا حدث ذلك سيحاكم قيادات من الجماعة على رأسهم الدكتور محمد بديع المرشد العام للجماعة بتهمة إدارة مؤسسة غير شرعية وغير تابعة للقانون.
حل حزب الحرية والعدالة:
نفس الدعوى التي تطالب بحل جماعة الإخوان المسلمين تطالب بحل حزب الحرية والعدالة باعتباره منبثق عن الجماعة الغير خاضعة للقانون استناداً إلى مبدأ ''ما بنى على باطل''.
بالإضافة إلى حديث البعض على أن جماعة الإخوان المسلمين هي جماعة دينية وبالتالي فحزب الحرية والعدالة التابع للجماعة هو حزب قائم على أساس ديني وطبقا للإعلان الدستوري الصادر في 30 مارس من العام الماضي فأنه محظور إنشاء أحزاب على أساس ديني.
حيث نصت المادة الرابعة من ذلك الإعلان على أن '' للمواطنين حق تكوين الجمعيات وإنشاء النقابات والاتحادات والأحزاب وذلك على الوجه المبين في القانون ويحظر إنشاء جمعيات يكون نشاطها معاديا لنظام المجتمع أو سريًا أو ذا طابع عسكري، ولا يجوز مباشرة أي نشاط سياسي أو قيام أحزاب سياسية على أساس ديني أو بناء على التفرقة بسبب الجنس أو الأصل''..
بطلان الانتخابات الرئاسية وإعادتها:
هناك عدد من الدعاوى القضائية رفعت ضد اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية حيث طالب المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي في دعواه التي حملت رقم 44367 لسنة 66 ق والتي اختصم فيها وزير الداخلية، وأكد أنه يطالب ببطلان الجولة الأولى استناداً على عدم توافر الإشراف القضائي الكامل، وأن العملية الانتخابية شابتها أخطاء وعمليات تزوير لإرادة الناخبين.
حبس مرسي وعزله:
بعد قرار مرسي بعودة البرلمان قام عدد من المحامين برفع دعاوى قضائية وتقديم بلاغ ضد مرسي لمخالفته المادة 123 من قانون العقوبات المصري والتي تنص على ''يعاقب بالحبس والعزل كل موظف عمومي استعمل سلطة وظيفته في وقف تنفيذ الأوامر الصادرة من الحكومة أو أحكام القوانين أو اللوائح أو تأخير تحصيل الأموال والرسوم أو وقف تنفيذ حكم أو أمر صادر من المحكمة أو من أية جهة مختصة''، حيث استندوا إلى أن مرسي موظف عام وخالف أحكام القضاء بقراره الخاص بعودة البرلمان.
إضافة إلى أن المرشح الرئاسي السابق أحمد شفيق في أحد المؤتمرات الصحفية يوم 5 يونيو الماضى اتهم الدكتور محمد مرسي بهروبه من السجن وقت ثورة الخامس والعشرين من يناير والوقوف وراء قتل المتظاهرين في ميدان التحرير، وهناك دعوى قضائية ضد مرسي لهروبه من السجن في ذلك الوقت.
اتهام الإخوان بقتل المتظاهرين في موقعة الجمل:
في التاسع من شهر يونيو الماضى تقدم أحد المواطنين ببلاغ للنائب العام يحمل رقم 1688 لسنة 2012 يفيد بامتلاك الشاكيين اسطوانات مدمجة ''سيديهات'' تؤكد تورط كل من صفوت حجازي الداعية الإسلامي والدكتور محمد البلتاجي عضو مجلس الشعب، ومحمد بديع المرشد العام للإخوان المسلمين، وآخرين في قتل المتظاهرين في موقعة الجمل عن طريق ''قناصة'' من كتائب عز الدين القسام، وحركة حماس، حيث تسللوا إلى مصر لمساعدة جماعة الإخوان المسلمين وقاموا بقتل المتظاهرين الذين توافدوا إلى ميدان التحرير على حد قول البلاغ، وقد أمر النائب المستشار عبد المجيد محمود بإحالة هذا البلاغ لوزير العدل لانتداب قاض للتحقيق فيه.
اتهام الإخوان بحرق أقسام الشرطة وتهريب المساجين من السجون:
وقد اتهم البلاغ رقم 1688 لسنة 2012 المقدم للنائب العام الإخوان باقتحام السجون وتدميرها وتهريب المساجين وحرق الأقسام وقتل رجال الشرطة مدللاً على ذلك بوجود معلومات مصورة بحوزة جهاز المخابرات المصري، يعلمها اللواء عمر سليمان واللواء محمود وجدي واللواء مراد موافي والفريق أحمد شفيق بصفتهم الوظيفية،
وأضاف البلاغ أن جماعة الإخوان تورطت في تسهيل دخول جماعات إرهابية لمصر والتعاون مع جهات أجنبية وتسريب الأسلحة للإضرار بالأمن القومي المصري.
No comments:
Post a Comment